Moataz Nasr
Under Fire

النار تحتوي في ذاتها قوة ذات وجهين، وهذا شيء بديهي: من جهة، سحر النار المعبرة عن الغبطة، وعن الألعاب النارية، وعن نار المدفئة التي نجتمع حولها في ليالي الشتاء لسماع الحكايات، وعن نار البقاء والحياة. ومن جهة أخرى هي القوة المهدمة التي تترك بعد مرورها الخراب والجمر.

وغداة الطوفان نبه إله المسيحيين النبي نوح: " لا ماء بعد اليوم، النار آتية ! ".  وبعد الطوفان، فإن الحياة لا تزول كلية. يمكن للطبيعة أن تستغني عن الماء وعن الإنسان، ولكن النار لا تترك شيئا. وإنذار الإله كان واضحا: كان الطوفان آخر فرصة. آخر إنذار قيل المحو الكلي للحياة على الأرض. ما يجري في الشرق الأوسط منذ سنين، وخاصة في العراق يذكرنا بأثر سيف دمقليس على الإنسانية منذ فجر التاريخ.

وكأن هيروشيما وناكازاكي لم تكفيان، قوة النار والحديد والدم ما تزال تنهك رجال ونساء ذنبهم الوحيد هو أنهم ولدوا في هذا المكان وليس في مكان آخر. يعبر الفنان عن هذا الوضع اللامعقول وغير العادل بجغرافية نهاية العالم.  وتعبر الخريطة عن الأرض، أما عيدان الكبريت فهي من أجل إعادة إشعال اللعبة الخطيرة التي نحن بصددها،  والنار هي في نفس الوقت مرحة واسترضائية ونهائية.  ليس ثمة نجاة يبحث عنها، وكل ما يبقى هو خراب عيدان الكبريت هذه على شاكلة غابة مدمرة. والاستعارة هنا دقيقة: عود كبريت واحد كاف لتدمير جمال العالم. والأسوأ في ذلك أن هذا الحدث يسحرنا كأطفال لا يمكنهم أبدا فهم الألعاب المميتة للكبار والآلهات التي نحن فيها لعب متواطئة.

سيمون نجامي